رغم انخفاض الأعداد.. لاجؤون قاصرون بألمانيا يواجهون نقصاً في الرعاية والإيواء

رغم انخفاض الأعداد.. لاجؤون قاصرون بألمانيا يواجهون نقصاً في الرعاية والإيواء
مهاجرون في ألمانيا - أرشيف

رغم انخفاض أعداد اللاجئين القاصرين غير المصحوبين بذويهم في ألمانيا خلال النصف الأول من عام 2025، فإن التحديات التي تواجههم لا تزال حاضرة بقوة، في ظل نقص الكوادر المختصة وغياب معايير الحماية في بعض الولايات. 

ويُحذّر خبراء من أن التراجع العددي لا يعكس تحسنًا حقيقيًا في ظروف الاستقبال، بل يُخفي أزمة مستمرة في الرعاية والإيواء، بحسب ما ذكر موقع "مهاجر نيوز"، الأربعاء.

بحسب تقرير حكومي ألماني صدر أخيراً، يعيش في البلاد أكثر من 22 ألف قاصر لاجئ غير مصحوب بذويه، إلى جانب نحو 20 ألف شاب بالغ لا يزالون تحت إشراف خدمات رعاية الطفولة والشباب. 

ورغم أن هذه الأرقام تمثل تراجعًا مقارنة بنهاية عام 2024، التي بلغت فيها الأعداد أكثر من 29 ألف قاصر، فإن الحكومة تؤكد أن التحديات اللوجستية والإنسانية لا تزال قائمة، خاصة على مستوى البلديات التي تعاني من ضغط شديد.

اتفاقية حقوق الطفل 

ينص قانون الضمان الاجتماعي الألماني، إضافة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، على تقديم الحماية والرعاية للأطفال بغض النظر عن أصلهم أو وضعهم القانوني، لكن الواقع يقول شيئًا آخر، حيث أظهرت تقارير ميدانية أن العديد من القاصرين لا يحصلون على الرعاية أو الإيواء بالشكل الذي ينص عليه القانون؛ بسبب استثناءات محلية وسوء في تخصيص الموارد.

ويُفترض، بموجب القانون، أن يتولى "الأوصياء الرسميون" مهمة تأمين السكن المناسب لهؤلاء الأطفال، وضمان إدماجهم في النظام التعليمي، إضافة إلى الدعم النفسي والتربوي، غير أن النقص الحاد في الكوادر المختصة وتقلّص البنية التحتية منذ عام 2018، جعلا هذا الهدف بعيد المنال في العديد من الولايات.

وفي محاولة لمواجهة تزايد أعداد اللاجئين في السنوات الماضية، عمدت بعض الولايات الألمانية إلى إدخال استثناءات على قوانين حماية القاصرين، وهو ما أثار انتقادات واسعة.

في ولاية تورينغن، يُسمح بإيواء القاصرين من عمر 16 عامًا مع البالغين في مراكز جماعية، وهو ما يثير مخاوف من تعرّضهم للعنف أو الاستغلال، أما في بادن-فورتمبيرغ، فقد تم تقليص عدد الموظفين المختصين في مراكز الإيواء إلى النصف، فيما سمحت ساكسونيا السفلى بتخفيض المساحة المخصصة لكل قاصر إلى أقل من الحد الأدنى المنصوص عليه، وهو ستة أمتار مربعة.

ورغم أن السلطات تبرر هذه الإجراءات بأنها "مؤقتة وتراعي مصلحة الطفل"، فإن منظمات حقوقية عدتها تراجعًا مقلقًا عن التزامات ألمانيا الإنسانية.

تصاعد الطلب على اللجوء

كشفت بيانات رسمية أن 94.5% من مقدمي طلبات اللجوء من القاصرين كانوا من الذكور، فيما لم تتجاوز نسبة الإناث 5.5%. وتصدّر اللاجؤون السوريون القائمة بنسبة 40.7%، يليهم الأفغان (39.9%)، ثم القادمون من تركيا والصومال.

وبلغ عدد طلبات اللجوء المقدمة من القاصرين غير المصحوبين بذويهم 13,344 طلبًا في عام 2023، في حين قُدّمت 15,269 طلبًا أوليًا، ما يعكس زيادة بأكثر من الضعف مقارنة بعام 2022.

تزامن هذا الضغط العددي مع تراجع القدرات المحلية، حيث خفّضت السلطات منذ عام 2018 عدد المراكز المعدة لاستقبال القاصرين، ما جعل البلديات عاجزة عن الاستجابة الفورية لاحتياجات هؤلاء الأطفال.

ويرى مراقبون أن أزمة القاصرين غير المصحوبين في ألمانيا ليست ناتجة فقط عن ارتفاع الأعداد، بل عن قرارات سياسية سابقة قللت من الاستثمار في البنى التحتية الأساسية، إذ عمدت بعض الحكومات المحلية، بعد تراجع موجة اللجوء الكبرى، إلى تقليص عدد الملاجئ والكوادر، ما أدى لاحقًا إلى عجز في الاستجابة حين عادت الأعداد للارتفاع.

وتقول منظمات إنسانية إن هذه المقاربة القائمة على رد الفعل بدلًا من التخطيط المسبق، تُشكّل خطرًا على مستقبل آلاف القاصرين الذين يدخلون البلاد في سن حساس، ويحتاجون إلى حماية شاملة نفسية وتربوية واجتماعية.

أطفال يبحثون عن الأمان

وراء كل رقم طفل يبحث عن أمان وكرامة. ورغم الجهود التي تبذلها السلطات الألمانية، فإن الحلول الحالية لا تزال غير كافية وغير عادلة، خاصة إذا استمرت الاستثناءات المؤقتة التي تُهدد الحقوق الأساسية لهذه الفئة.

يجب ألا تكون حماية القاصرين غير المصحوبين مرهونة بالميزانيات أو مزاج السياسات المحلية، بل واجب أخلاقي وقانوني، وركيزة أساسية من ركائز العدالة الاجتماعية في أي نظام ديمقراطي.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية